شباب “جيل زد” يرفعون صوتهم… والحكومة المغربية في قفص الاتهام

حنان الفاتحي

شهدت مدن مغربية كبرى من الدار البيضاء إلى الرباط وأغادير وطنجة، خلال الأسابيع الأخيرة، موجة احتجاجات شبابية رفعت شعارات مركّزة حول قطاعين حيويين: الصحة والتعليم. وقد تميزت هذه الحركات الاجتماعية – التي يقودها من يُطلق عليهم “جيل زد” – بوضوح مطالبها، وبتأكيدها على الحق في مستقبل أفضل يضمن الكرامة والعدالة الاجتماعية.

أمام هذا الحراك، عقدت الأغلبية الحكومية اجتماعا استثنائيا، عبّرت خلاله عن انفتاحها على الحوار والاستعداد للتفاعل مع هذه التعبيرات الاجتماعية، مؤكدة أن إصلاح المنظومتين الصحية والتعليمية من أولوياتها، وإن كان تحقيق نتائجه “يحتاج إلى وقت طويل بالنظر إلى حجم الإصلاحات الجارية”.

تصريحات رسمية وتحليلات أكاديمية

الكاتب الصحفي بوشعيب البازي  رأى أن إعلان الأغلبية نيتها الحوار مع الشباب يمثل خطوة إيجابية، لكنه أشار إلى أن هذا الالتزام يبقى مجرد “كلام جميل” ما لم يتجسد في آليات عملية، مقترحا بلورة تنسيقية شبابية تكون مخاطبا رسميا للحكومة.

من جهته، أشاد النائب البريطاني السابق أندرو موريسون بما وصفه بـ”تسامح القوات العمومية المغربية”، مؤكدا أن المملكة “تتيح لمواطنيها مساحة للتعبير السلمي عن مطالبهم”. غير أن هذا الإشادة الأمنية لم تُقنع المعارضة التي اعتبرت أن الأزمة أعمق، وأنها تكمن في فقدان الثقة بين الشباب والسياسات العمومية.

كما أكد البازي أن “المطالب المشروعة تظل مشروعة حين تُطرح بوسائل سلمية راقية”، لكنه لم يُخف قلقه من “عجز الحكومة عن إظهار مرجعية سياسية واضحة أو كفاءة تقنية كافية في تدبير قطاعات حيوية”.

أزمة ثقة تتجاوز الشارع

هذه الاحتجاجات لم تعد مجرد أصوات معزولة في الشارع، بل باتت تعكس أزمة بنيوية في علاقة المواطن بالدولة. إذ يشتكي المغاربة من تدني جودة الخدمات الصحية والتعليمية، رغم الشعارات المتكررة حول “ورش الإصلاح الشامل”. وفي البرلمان، وجّه الفريق الاشتراكي انتقادات مباشرة لوزارة الصحة، مستشهدا بالحالة “الكارثية” التي يعيشها المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأغادير.

حكومة بلا بوصل

من جهته لم يجد الصحفي بوشعيب البازي أي مبرر لاستمرار هذه الحكومة في موقع المسؤولية. فشلها في قطاعي الصحة والتعليم ليس تفصيلا تقنيا، بل هو إخفاق في صميم العقد الاجتماعي الذي يربط الدولة بمواطنيها.

لقد تسامح المغاربة طويلا مع أعذار التأجيل والتسويف، لكن جيل الشباب اليوم – الذي يرفع شعاراته بجرأة – يضع الجميع أمام الحقيقة العارية: حكومة بلا قدرة على الإصلاح ولا رؤية سياسية واضحة.

المسؤولية هنا لا تُجزأ. الصحة والتعليم هما عمودا أي مشروع تنموي، وحين يعترف وزراء بأزمات “متراكمة منذ عقود” فهذا لا يعفيهم من واجب تحمل نتائج عجزهم عن ابتكار حلول عاجلة وفعالة .

إن الحكومة الحالية، وقد فشلت في اختبار الشرعية الاجتماعية، مطالبة اليوم – إن كانت تتحلى بالحد الأدنى من المسؤولية السياسية – بأن تقدم استقالتها. فالمغرب يستحق حكومة بحجم انتظارات شعبه، لا فريقا يختبئ خلف البيانات والوعود المؤجلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com