القنيطرة تحتضن النسخة الثالثة من الجامعة المفتوحة لقادة البيئة والمناخ الشباب 2025
بوشعيب البازي
تحت شعار: “بيئتنا بلا بلاستيك… مستقبل غابتنا أنقى، وصحتنا أفضل”
في زمنٍ تتسارع فيه التحولات المناخية وتشتد فيه الحاجة إلى وعي بيئي جماعي، تستضيف مدينة القنيطرة النسخة الثالثة من الجامعة المفتوحة لقادة البيئة والمناخ الشباب، التي تنظمها جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ خلال الفترة الممتدة من 8 نونبر إلى 6 دجنبر 2025، تحت شعار معبّر، “بيئتنا بلا بلاستيك… مستقبل غابتنا أنقى، وصحتنا أفضل”.
يأتي هذا الحدث السنوي، الذي أصبح موعدًا بيئيًا قارًا في أجندة المدينة، بشراكة مع جماعة القنيطرة، وبتنسيق مع الوكالة الوطنية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وكلية العلوم الإنسانية بجامعة ابن طفيل، إلى جانب شبكة بيئة أبو ظبي والمركز الأكاديمي للأبحاث العلمية والدراسات الاستشرافية، والجمعية المغربية لتربية الشخصية، إضافة إلى عدد من الجمعيات المحلية والوطنية المهتمة بالشأن البيئي.
رهان بيئي جديد… وغابة حضرية كنموذج تنموي
تتمحور هذه النسخة الثالثة حول عنوان محوري هو: “منتزه الغابة الحضرية الساكنية: رافعة للتنمية والحد من تغير المناخ”. ويهدف المشروع إلى تعزيز الوعي الثقافي البيئي والمناخي، والتوعية بمخاطر التلوث البلاستيكي، مع إبراز أهمية الغابة الحضرية كفضاء طبيعي وثقافي يساهم في التنمية المستدامة ويحد من آثار التغيرات المناخية.
ويمتد البرنامج على مدى شهرٍ كامل، متضمِّنًا ورشات تكوينية، وأنشطة تطبيقية، ومناورات محاكاتية، وحملات نظافة وتشجير، تزامنًا مع اليوم العالمي للحيوان (4 أكتوبر)، واليوم الوطني للشجرة (14 نونبر)، واليوم العالمي للتنظيف.

وتنخرط في هذه الأنشطة مؤسسات تعليمية بمستوياتها الثلاث (ابتدائي، إعدادي، ثانوي) إلى جانب جامعة ابن طفيل، في مقاربة تشاركية تربط بين المدرسة والمجتمع والبيئة.
المواطنة الإيكولوجية… من المفهوم إلى الفعل
في كلمته الافتتاحية، أكد السيد مصطفى بنرامل، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، أن الجامعة المفتوحة “أضحت مدرسة سنوية لترسيخ قيم المواطنة البيئية والمشاركة المجتمعية في حماية الغابات”، مضيفًا أن اختيار الغابة الحضرية الساكنية كمجالٍ للنشاط “يترجم التزامًا جماعيًا بجعلها نموذجًا وطنيًا للغابات الحضرية المستدامة”.
ومن جانبه، شدد نائب رئيسة جماعة القنيطرة، السيد محمد الدحيم، في كلمته الافتتاحية، على أن هذا الحدث يجسد “رؤية الجماعة في دعم المبادرات الشبابية البيئية، باعتبارها مدخلًا أساسيا لبناء مدينة خضراء ومستدامة”.
أما ممثل الوكالة الوطنية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، السيد الحبيب جدي، فقد أبرز أهمية المقاربة التشاركية في حماية الغابات، مشيرًا إلى أن “الرهان الحقيقي اليوم هو في تحويل الوعي البيئي إلى سلوكٍ جماعي يومي”.
ورشات ومعارف من أجل مستقبلٍ أنظف
ضمن فعاليات الجامعة، عُقدت جلسات تكوينية متنوعة جمعت بين العروض النظرية والورشات التطبيقية.
في العرض الافتتاحي بعنوان “التربية على الحق في بيئة سليمة: من الإطار الحقوقي إلى الممارسة المواطنة”, قدّمت الباحثة شيماء اغنيوة من كلية علوم التربية – جامعة محمد الخامس بالرباط، قراءة في البعد الحقوقي للبيئة السليمة وسبل إدماجه في السياسات التربوية.
كما أطر الخبير البيئي مصطفى بنرامل ورشة تطبيقية حول “التنشيط البيئي ودوره في تحفيز الشباب على العمل التطوعي البيئي”, ركّزت على منهجيات المشاركة الفعالة وأساليب التعلم التفاعلي.
أما الورشة الختامية، فقد كانت من تأطير الأستاذ الجامعي الدكتور بوشعيب زهاوي من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تحت عنوان “المنتزه الغابة الحضرية رافعة للتنمية والحد من تغير المناخ عبر الإطار التعلمي الديناميكي المندمج (IDLF) وأداة MOSAIC”، حيث تناولت إمكانيات الربط بين التعليم والمشاركة والفعل في مقاربة بيئية مستدامة.
واختتمت الفعاليات بـنقاش مفتوح وتبادل للتجارب بين المشاركين، أعقبه حفل تسليم شواهد تكوين المكونين، في أجواءٍ احتفالية عكست وعيًا بيئيًا متناميًا لدى الشباب، وإصرارًا على تحويل المعرفة إلى ممارسة ميدانية.
القنيطرة… نحو نموذج المدينة الإيكولوجية المغربية
تؤكد هذه المبادرة أن القنيطرة باتت تحتل مكانة متميزة كـ”مدينة بيئية بامتياز”، قادرة على احتضان مشاريع تربوية ومناخية رائدة. فإلى جانب بعدها التحسيسي، تشكل الجامعة المفتوحة فضاءً لإعداد جيل جديد من قادة البيئة والمناخ الشباب، المؤمنين بأن التغيير يبدأ من السلوك الفردي وينتهي إلى السياسات العامة.
وفي زمنٍ تتزايد فيه تحديات البلاستيك والتلوث الحضري، تظل شعارات من قبيل “بيئتنا بلا بلاستيك… مستقبل غابتنا أنقى، وصحتنا أفضل” أكثر من مجرد عبارات؛ إنها رسالة جيلٍ جديدٍ يضع البيئة في قلب مشروعه المجتمعي.