لقاء تواصلي بالفلاندرن يُجدّد الولاء للوطن: الجالية الصحراوية بأوروبا تحتفي بالمسيرة الخضراء وقرار مجلس الأمن 2797
بوشعيب البازي
شهدت منطقة الفلاندر البلجيكية نهاية الأسبوع لقاءً تواصلياً مميزاً جمع السيد القنصل العام للمملكة المغربية بمدينة أنفرس، بعدد من أبناء الجالية المغربية المنحدرين من أقاليم المملكة الجنوبية، المقيمين بالمنطقة وبمختلف الدول الأوروبية. وجاء هذا اللقاء في سياق وطني وروحي خاص، يزاوج بين الاحتفال بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، وبين الترحيب بصدور القرار الأممي 2797 حول قضية الصحراء المغربية، الذي جاء ليكرّس من جديد مركزية المبادرة المغربية للحكم الذاتي ومرجعيتها في مسار التسوية الأممية.
أجواء استثنائية ورسائل واضحة
تميز اللقاء بحضور وازن لفعاليات مدنية وجمعوية وثقافية من أبناء الصحراء المغربية المقيمين بأوروبا، الذين أبانوا عن مستوى كبير من الانخراط الوطني والوعي بقضايا الوطن، مؤكدين أن الجالية الصحراوية ليست مجرد امتداد جغرافي خارج الحدود، بل هي رصيد استراتيجي للدفاع عن القضايا الوطنية والترويج للنموذج المغربي في الاستقرار والتنمية.

القنصل العام، في كلمته الافتتاحية، شدّد على أن تخليد نصف قرن على المسيرة الخضراء ليس مجرد احتفال تاريخي، بل هو تذكير بدروس وحدة الصف المغربي، وبدور الملكية في قيادة أوراش البناء وحماية وحدة التراب الوطني. كما تطرق بتفصيل إلى مضامين القرار الأممي الجديد 2797، الذي أعاد التأكيد على جدية وواقعية المقترح المغربي للحكم الذاتي، وقلّص هامش المناورات الدبلوماسية لخصوم الوحدة الترابية.
كلمة رئيس قبيلة آيت مسعود بأوروبا: صوتٌ صحراوي يصدح بالثبات
أبرز لحظات اللقاء كانت كلمة رئيس قبيلة آيت مسعود بأوروبا، التي لاقت تفاعلاً كبيراً لما حملته من رسائل صريحة وقوية. فقد أكد في مداخلته أن “أبناء الصحراء داخل الوطن وخارجه يظلون على العهد، متمسكين بالعرش العلوي المجيد، مدافعين عن وحدة الوطن في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله”.

وأضاف المتحدث أن القبيلة، بما لها من جذور تاريخية وشرعية اجتماعية بالصحراء، كانت دائماً جزءاً لا يتجزأ من مشروع الدولة المغربية، ومساهمة في استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة. كما دعا أبناء القبائل الصحراوية المقيمين بأوروبا إلى مضاعفة الجهود للدفاع عن القضية الوطنية في الفضاءات الأكاديمية والسياسية وداخل المجتمع المدني الأوروبي، “لأن صوت الجالية اليوم أصبح جزءاً من القوة الناعمة للمملكة”.
التشبث الصحراوي بالعرش الملكي.. حقيقة راسخة لا شعار
لم يكتف اللقاء بعرض المواقف، بل قدم شواهد حيّة على الارتباط المتجذّر بين أبناء الصحراء المغربية والمؤسسة الملكية. فقد أجمعت المداخلات على أن البيعة التاريخية للقبائل الصحراوية ليست مجرد إرث، بل علاقة متجددة من الثقة والحماية والولاء المتبادل. وفي هذا السياق، أبرز متدخلون أن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي يقوده جلالة الملك، شكل نقطة تحول جعلت من الصحراء اليوم ورشاً مفتوحاً للاستثمارات والبنيات التحتية والطاقات المتجددة.
كما شدد مشاركون آخرون على أن نجاح المملكة في استقطاب الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي إنما هو امتداد لهذا التلاحم العميق بين العرش والشعب، وخاصة بين المؤسسة الملكية والقبائل الصحراوية التي ظلت على الدوام حائط الصد الأول في الدفاع عن الهوية الوطنية.
توصيات واعدة للمستقبل
اختُتم اللقاء بتوصيات عملية تهدف إلى تعزيز حضور الجالية المغربية الصحراوية داخل المؤسسات والمنظمات الأوروبية، من خلال الدبلوماسية الموازية، والعمل على ربط الشباب بالهوية المغربية عبر برامج ثقافية وتاريخية، إضافة إلى تطوير جسور التعاون بين القنصلية والمجتمع المدني لضمان مواكبة أكبر لانشغالات المواطنين بالخارج.
بهذا اللقاء، يكون أبناء الصحراء المغربية في أوروبا قد وجهوا رسالة واضحة:
المسيرة الخضراء لم تنتهِ، بل تستمر اليوم بأشكال جديدة، يقودها ولاء للعرش، وثبات على الهوية، وإيمان بعدالة قضية تُعدّ حجر الزاوية في الإجماع الوطني.