قبائل الجزائر بين خطاب الانفصال وضغط الدولة: فرحات مهني يعلن اقتراب “اللحظة الرمزية” للاستقلال

مجدي فاطمة الزهراء

في لحظة تعكس حجم الشرخ المتنامي بين منطقة القبائل والنظام الجزائري، خرج فرحات مهني، زعيم حركة استقلال القبائل (ماك) ورئيس الحكومة القبائلية المؤقتة في المنفى (أنافاد)، بخطاب جديد يؤكد أن الحركة تسير بخطى ثابتة نحو إعلان استقلال رمزي منتصف شهر دجنبر. المؤتمر الصحافي، الذي عُقد عبر منصة “زووم”، قدّم — وفق مهني — ليس فقط ملامح المرحلة المقبلة، بل سردية كاملة لتاريخ التوتر بين القبائل والدولة المركزية.

هوية متجذرة تواجه “جزائر مصطنعة”

في تصريحاته، شدّد مهني على أن الشخصية القبائلية تشكّلت عبر قرون ولم تكن قابلة للذوبان في نموذج سياسي “مفروض” بعد الاستقلال. وأوضح أن الحركة بدأت كمشروع للحكم الذاتي، قبل أن تتطور إلى مطالبة صريحة بتقرير المصير، مدفوعة — حسب قوله — بمحاولات السلطة الجزائرية “محو الهوية القبائلية” عبر سياسات إدارية وثقافية وأمنية.

من “القضية الوطنية” إلى “العدو الداخلي”: تصنيف ماك إرهابية

أعاد مهني التذكير بأن سنة 2021 شكّلت منعطفاً حاسماً في علاقة الدولة بالمنطقة، حين اعتبرت الجزائر حركة “ماك” منظمة إرهابية، وربطتها بمحاولات مزعومة لزعزعة الأمن. وفي نظره، كان ذلك “خطأً استراتيجياً”، إذ لم تتبنّ أي دولة هذا التصنيف؛ بل إن تقارير دولية — بينها تقارير لواشنطن — لم تجد دلائل على لجوء الحركة للعنف.

ووفق مهني، فإن سياسة “الأرض المحروقة” التي انتهجتها السلطات منذ ذلك العام، عبر الاعتقالات والملاحقات والتضييق على الفاعلين المحليين، لم تُضعف الحركة بل دفعتها إلى تسريع وتيرة التعبئة في الداخل والخارج.

اتهامات متبادلة و”عدو خارجي جاهز”

بلهجة لا تخلو من السخرية، اعتبر زعيم “ماك” أن النظام الجزائري يغيّر روايته بحسب الظرفية، فمرة يتهم الحركة بالارتماء في أحضان دول أجنبية، ومرة أخرى يدّعي أنها “تتحكم” في فرنسا وإسرائيل والمغرب. ويقول مهني إن هذه الاتهامات المتناقضة فقدت مصداقيتها حتى داخل الجزائر نفسها.

هل يرتبط الإعلان بالعزلة الإقليمية للجزائر؟

رغم توقيت الخطوة المرتقبة في 14 دجنبر، نفى مهني وجود أي علاقة بين التحركات الحالية وبين ما تعيشه الجزائر من توتر خارجي وعزلة سياسية مستمرة. واعتبر أن “إعلان الاستقلال” — ولو رمزياً — هو نتيجة لمسار نضالي تعود جذوره إلى عقود، وليس قراراً ظرفياً مرتبطاً بالسياق الإقليمي.

الانفصال كـ”خيار ضروري”

من وجهة نظر مهني، لم يعد بالإمكان الجمع بين النظام الجزائري الحالي والقضية القبائلية في معادلة واحدة. إذ يرى أن الدولة المركزية تسعى إلى تقليص الشخصية الثقافية والسياسية للقبائل، بينما يطمح السكان  كما يقول  إلى نموذج اجتماعي أكثر انفتاحاً وعلمانية وتسامحاً دينياً.

الاستقلال الرمزي خطوة نحو مقعد أممي

في الجزء الختامي من كلمته، قال مهني إن حركة “ماك” ستعتبر نفسها “مستقلة ذهنياً” ابتداءً من 14 دجنبر، في انتظار اعتراف دولي مستقبلي يضع “دولة القبائل” ضمن الأسرة الدولية. ويؤكد أن المشروع القبائلي لا يهدف فقط إلى التحرر السياسي، بل يطمح إلى لعب دور في الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي مع الجوار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com