المغرب ومعركة مواجهة “المحتوى الهابط”.. مطالب بتدخل قضائي عاجل

بوشعيب البازي

تشهد الساحة الرقمية المغربية في السنوات الأخيرة تنامياً مقلقاً لظاهرة ما بات يُعرف بـ”المحتوى الهابط”، حيث تحوّلت منصات التواصل الاجتماعي إلى فضاء مفتوح لترويج خطاب يفتقد إلى القيم والأخلاق، ويمس في كثير من الأحيان بالحياة الخاصة للأفراد، بحثاً عن الشهرة السريعة و”البوز” وجني الأرباح.

أمام هذا الوضع، تتعالى أصوات حقوقيين وفاعلين مدنيين مطالبةً بضرورة تحرك النيابة العامة وإصدار تعليماتها للضرب بيد من حديد على كل من يستغل الفضاء الرقمي لنشر الإسفاف والتشهير، معتبرين أن الأمر لم يعد مجرد حرية تعبير، بل صار اعتداءً مباشراً على الأعراض وتشويهاً لصورة المجتمع.

“البوز” بأي ثمن

لم يعد السباق نحو “البوز” مقتصراً على تقاسم لحظات يومية أو تجارب شخصية، بل تجاوز حدود المألوف ليصل إلى نشر مقاطع تحط من كرامة الآخرين، أو ترويج ادعاءات تمس بالحياة الخاصة للأشخاص. وفي هذا السياق، تناسلت قنوات ومحتويات على “يوتيوب” و”تيك توك” تجذب آلاف المتابعين عبر خطاب يقوم على السخرية المبتذلة أو السب العلني أو حتى الاتهامات الخطيرة.

من الأمثلة الصارخة على ذلك، القضايا التي سبق أن عُرضت أمام القضاء ضد بعض “المؤثرين” الذين استغلوا منصاتهم للإساءة إلى فنانين وشخصيات عامة، أو الذين حولوا خلافاتهم الشخصية إلى “فرجة” رقمية مشبعة بالاتهامات والقذف. كما شهد الرأي العام مؤخراً متابعات قضائية في حق أصحاب قنوات استعملوا أسلوب الابتزاز أو نشروا معطيات شخصية دون إذن أصحابها.

مسؤولية مجتمعية وقانونية

ويرى متابعون أن خطورة هذه الظاهرة لا تكمن فقط في انتشارها، بل في تأثيرها المباشر على الأجيال الناشئة، التي تجد نفسها أمام قدوات رقمية تروج لخطاب الكراهية والابتذال بدل الإبداع والمعرفة.

ويرى خبراء القانون الرقمي أن الإطار التشريعي المغربي، وخاصة المقتضيات الزجرية في القانون الجنائي وقانون الصحافة والنشر، يتيح للنيابة العامة التدخل لمعاقبة المخالفين، لكن المطلوب اليوم هو تفعيل أكثر صرامة لهذه المقتضيات وتكثيف المراقبة القضائية.

بين الحرية والفوضى

في المقابل، يؤكد حقوقيون أن معالجة هذه الظاهرة لا ينبغي أن تتحول إلى تضييق على حرية التعبير، وإنما إلى ترشيد للاستخدام المسؤول للمنصات الرقمية، بحيث يكون القانون أداة لحماية المجتمع والأفراد من التشهير والابتزاز، مع فتح المجال أمام حرية التعبير الهادفة والنقد البنّاء.

وبين الدعوة إلى الحرية والتحذير من الفوضى، يبقى السؤال مطروحاً: هل تتحرك السلطات القضائية بشكل أسرع وحازم لوقف زحف “المحتوى الهابط” الذي يهدد القيم والأخلاق في المجتمع المغربي؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

This site is protected by wp-copyrightpro.com