“الحج بالجواز الإفريقي: مغاربة العالم وتبديل الجنسيات في سبيل البيت العتيق!”
بوشعيب البازي
في مشهد سريالي يليق بمسلسل درامي من إنتاج نتفليكس، شهدت بلجيكا وهولندا فصلاً جديدًا من مغامرات “الحج بأي ثمن”، بعدما قرر بعض مغاربة العالم، بجرأة نادرة، التخلي مؤقتًا عن هويتهم المغربية والأوروبية، واعتناق “جنسية غينيا بيساو” بشكل شبه جماعي، فقط من أجل الوصول إلى مكة المكرمة.
الحكاية بدأت عندما قرر أحد “منظّمي رحلات الحج” المعروفين في بلجيكا أن يبتكر حلاً عبقريًا لمعضلة باتت تؤرق آلاف الحجاج المحتملين: الكوطا!
فكما يعلم الجميع، المملكة العربية السعودية تحدد سنويًا عددًا أقصى للحجاج القادمين من كل دولة، وبلجيكا، بحكم تعداد الجالية المسلمة المتزايد و”قلة الحيلة الدبلوماسية”، تجد نفسها في كل موسم تعيش أزمة مقاعد حج حقيقية، وكأننا في قرعة كأس العالم.
لكن، بدل أن ينتظر القدر، قرر المنظّم المبتكر أن يفاوض – لا سفارة ولا قنصلية، بل مباشرة مع المسؤولين في دولة غينيا بيساو! – على استخراج 355 جواز سفر إفريقي، بأسماء وصور مغاربة مقيمين في أوروبا. والهدف؟ إرسالهم إلى الحج على أنهم حجاج غينيّو الأصل، لا علاقة لهم بـ”الكسكس المغربي” ولا “الماطيشة البلجيكية”.
عملية شبه هوليودية تمت على مراحل: صور بيومترية، وثائق مدنية مغربية، وجوازات سفر جديدة تمامًا… إلا أن الكوميديا تحولت إلى تراجيديا عندما تم توقيف الشخص المكلف بنقل الجوازات (نعم، كل الـ355) من قبل السلطات البرتغالية، التي – ويا لسخرية القدر – لم تقتنع بأن كل هؤلاء الحجاج قرروا أن يتحولوا إلى “غينيويين” فجأة.
الجوازات صودرت، الشخص أوقف، ورحلة العمر ألغيت. أما الحجاج المسنون، فقد وجدوا أنفسهم عالقين في بيوتهم، حاملين حقائبهم ولباس الإحرام، لكن بدون جوازات ولا تذاكر، في انتظار فرج من السماء أو توضيح من الشرطة.
وحسب مصادر مطلعة، فهذه ليست أول مرة يلجأ فيها نفس المنظّم إلى هذه “الحيلة الشرعية” – بل أصبحت نوعًا من “البيزنس الموسمي”، حيث يتضاعف ثمن الرحلة عندما يكون الجواز إفريقيًا، والنية إسلامية، والرقابة ضعيفة.
لكن السؤال الحقيقي: كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟ كيف أصبح الحج، الركن الخامس للإسلام، عملية بيروقراطية معقدة إلى درجة تدفع الحجاج إلى تغيير جنسيتهم مؤقتًا؟ وأين هي المسؤولية القانونية والأخلاقية للسلطات الأوروبية والمغاربية، التي تغمض عينًا عن هذه الفوضى كل سنة ثم تتفاجأ بها كأنها أول مرة؟
في انتظار تحقيق أمني ودبلوماسي (قد يأتي أو لا يأتي)، تبقى الحقيقة المرة أن الحج، الذي كان في السابق رحلة روحانية تطلب الصبر والتقوى، أصبح اليوم أشبه بـ”مناورة جوازات”، فيها الكثير من التحايل… والقليل من الخشوع