الاعتداء الإرهابي في السمارة: البوليساريو من أداة تخريب إلى تهديد إقليمي تحت الرعاية الجزائرية والإيرانية
بوشعيب البازي
في الوقت الذي يسعى فيه المغرب إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في أقاليمه الجنوبية، شهد إقليم السمارة، مؤخرًا، اعتداءً إرهابيًا جبانًا استهدف المدنيين العزل، وهو ما يؤكد مرة أخرى الطبيعة الإجرامية لما يُعرف بجبهة “البوليساريو”، التي لا تختلف في سلوكها وممارساتها عن الجماعات المتطرفة الناشطة في منطقة الساحل.
العملية الأخيرة لم تكن معزولة، بل جاءت ضمن سلسلة من المناوشات العدوانية التي تعتمدها الجبهة كتكتيك بديل عن المواجهة العسكرية المباشرة، بعد فشلها الذريع في التأثير على الموقف المغربي الثابت والمشروع إزاء وحدته الترابية، وفشلها الأكبر في كسب تعاطف ساكنة الصحراء التي لم تعد ترى في الجبهة سوى جسم غريب ووظيفي، يعيش خارج الزمن والتاريخ.
من أين تتلقى البوليساريو أوامرها؟
ليست البوليساريو سوى ذراع ميداني تابع للمخابرات العسكرية الجزائرية، وتحديدًا جهاز “DGDSE”، الذي يصوغ استراتيجيتها، ويموّلها، ويوجه تحركاتها. وبحسب تقارير موثوقة، فإن قادة الجبهة لا يتخذون قرارات الحرب أو الهدنة في “الرابوني”، بل في مكاتب الظل في “بني مسوس” أو داخل مقر قيادة الأركان في البليدة.
الجزائر، في حربها المعلنة وغير المعلنة ضد المغرب، ترتكب خطيئة قانونية وأخلاقية وسياسية عبر دعم كيان مسلح غير معترف به دوليًا، وتحتضن فوق ترابها معسكرات تدريب لعناصره، وتغض الطرف عن تهريب السلاح والمقاتلين عبر حدودها الجنوبية الشرقية.
دعم مالي وتسليح إيراني… بتنسيق جزائري
التحول الخطير في المعادلة هو الدور الإيراني المتنامي في تسليح وتدريب عناصر البوليساريو، عبر “حزب الله”، وفي بعض الحالات، بشكل مباشر من طرف “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري. طائرات مسيّرة، تجهيزات عسكرية دقيقة، تكتيكات هجومية مستوردة من جبهات العراق واليمن… كلها مؤشرات على أن البوليساريو لم تعد مجرد ورقة انفصال، بل أصبحت أداة للفوضى الإقليمية بإخراج طهران وتمويل الجزائر.
هذه المعطيات تجعل من البوليساريو تهديدًا إرهابيًا بنيويًا يتجاوز نزاع الصحراء، ويندرج ضمن مشروع تخريبي إقليمي يشمل الساحل، وشمال إفريقيا، وصولًا إلى غرب المتوسط.
رأي الكاتب الصحفي: بوشعيب البازي:
“قد سقط القناع عن وجه ما يسمى بجبهة البوليساريو. لم تعد مجرد حركة انفصالية، بل تحولت إلى فرع من فروع الإرهاب المعولم. الجزائر لم تعد طرفًا في نزاع سياسي، بل أصبحت راعية مباشرة لميليشيا مسلحة تزرع الموت في صحرائنا المغربية. أما إيران، فهي تواصل تصدير نموذجها التخريبي إلى حيثما وجدت هشاشة جيوسياسية وفراغًا أمنيًا، من صنعاء إلى السمارة. لقد أصبح الصمت الدولي اليوم تواطؤًا، ولم يعد بالإمكان السكوت عن تحويل تندوف إلى قاعدة خلفية للتطرف المسلح. على المنتظم الدولي أن يسمي الأشياء بمسمياتها: البوليساريو تنظيم إرهابي، والجزائر دولة راعية للإرهاب على حدود المغرب”.
أين المنتظم الدولي من كل هذا؟
رغم الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء، وتوسع قاعدة الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي، ما زال المجتمع الدولي يتعامل ببرود خطير مع الممارسات الإرهابية للبوليساريو، ويتغاضى عن مسؤولية الجزائر في احتضان وتسليح هذا الكيان.
المطلوب اليوم ليس إصدار بلاغات شجب، بل تحرك فعلي لتصنيف البوليساريو كتنظيم مسلح غير شرعي، ومعاقبة الدول التي تموّله، تمامًا كما تُعاقب الدول التي تحتضن وتموّل القاعدة وداعش وحزب الله.
فالاعتداء على المدنيين في السمارة ليس نهاية سلسلة، بل بداية مرحلة جديدة من التصعيد، تؤكد أن المعركة لم تعد فقط بين المغرب والانفصاليين، بل بين دولة ذات سيادة ومنظومة تخريب دولية تشمل الجزائر وطهران.
والسؤال الجوهري اليوم: هل سيواصل العالم دفن رأسه في الرمال؟ أم سيقف في وجه من يريد نسف أمن المنطقة بالكامل؟